jeudi 27 septembre 2012

موقف الشيعة -الزيدية- من تفسير القرآن [ونماذج من كتبهم]

       لم يقع بين الزيدية من الشيعة ، وبين جمهور أهل السنة خلاف كبير مثل ما وقع من الخلاف بين الإمامية وجمهور أهل السنة ، والذى يقرأ كتب الزيدية يجد أنهم أقرب فرق الشيعة إلى مذهب أهل السنة ، وما كان بين الفريقين من خلاف فهو خلاف لا يكاد يذكر .

       يرى الزيدية : أن عليا أفضل من سائر الصحابة ، وأولى بالخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقولون : إن كل فاطمى عالم زاهد شجاع سخى خرج للإمامة صحت إمامته ، ووجبت طاعته ، سواء أكان من أولاد الحسن ، أم من أولاد الحسين ، ومع ذلك فهم لا يتبرءون من الشيخين ، ولا يكفرونهما ، بل يجوزون إمامتهما ؛ لأنه تجوز عندهم إمامة المفضول مع وجود الفاضل ، كما أنهم لم يقولوا بما قالت به الإمامية من التقية ، والعصمة للأئمة ، واختفائهم ثم رجوعهم فى آخر الزمان ، وغير ذلك من خرافات الإمامية ومن على شاكلتهم.

       وكل الذى نلحظه على الزيدية ، أنهم يشترطون الاجتهاد فى أئمتهم ؛ ولهذا كثر فيهم الإجتهاد ، وأنهم لا يثقون برواية الأحاديث إلا إذا كانت عن طريق أهل البيت . والذى يقرأ كتاب المجموع للزيدية يرى أن كل ما فيه من الأحاديث مروية عن زيد بن على زين العابدين ، عن آبائه من الأئمة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس فيه بعد ذلك حديث يروى عن صحابى آخر من غير أهل البيت رضى الله عنهم .

       كما نلاحظ على الزيدية أيضا أنهم تأثروا إلى حد كبير بآراء المعتزلة ومعتقداتهم ، ويرجع السر فى هذا إلى أن إمامهم زيد بن على ، تتلمذ على واصل بن عطاء ، كما قلنا ذلك فيما سبق .

       إذا فلا نطمع بعد ذلك أن نرى للزيدية أثرا مميزا ، وطابعا خاصا فى التفسير كما رأينا للإمامية ؛ لأن التفسير إنما يتأثر بعقيدة مفسره ، ويتخذ له طابعا خاصا ، واتجاها معينا ، حينما يكون لصاحبه طابع خاص واتجاه معين، وليست الزيدية ـ بصرف النظر عن ميولهم الاعتزالية ـ بمنأى بعيد عن تعاليم أهل السنة ، وعقائدهم ، حتى يكون لهم فى التفسير خلاف كبير(1).

أهم كتب التفسير عند الزيدية :

       وإذا نحن ذهبنا نفتش عن تفاسير الزيدية فى المكتبات التى تحت أبصارنا وفى متناول أيدينا ، فإنا لا نكاد نظفر منها إلا بتفسير الشوكانى المسمى ( فتح القدير) وهو تفسير متناول للقرآن كله ، وجامع بين الرواية والدراية ، وتفسير آخر فى شرح آيات الأحكام اسمه ( الثمرات اليانعة) لشمس الدين يوسف بن أحمد : من علماء القرن التاسع الهجري، هذا هو كل ما عثرنا عليه للزيدية من كتب فى التفسير .

       ولكن هل هذا هو كل ما أنتجته هذه الطائفة ؟ أو أن هناك كتبا أخرى ألفت فى التفسير ثم درست ؟ أو ألفت وبقيت إلى اليوم غير أنه لم يكتب لها الذيوع والانتشار ، ولذا لم تصل إلى أيدينا ؟

       الحق أنى وجهت هذا السؤال إلى نفسى ، فرجحت أن تكون هناك كتب كثيرة فى التفسير لهذه الطائفة ، منها ما درس ، ومنها ما بقى إلى اليوم مطمورا فى بعض المكاتب الخاصة ؛ إذ ليس من المعقول أن لا يكون لطائفة إسلامية قامت من قديم الزمان ، وبقيت محتفظة بتعاليمها ومقوماتها إلى اليوم إلا هذا الأثر الضئيل فى التفسير ،

       رجحت هذا الرأى ، فذهبت أفتش وأبحث فى بعض الكتب التى لها عناية بهذا الشأن ؛ على أن أعثر على أسماء لبعض كتب فى التفسير لبعض من علماء الزيدية ... وأخيرا وجدت فى الفهرست لابن النديم : أن مقاتل ابن سليمان ـ وعده من الزيدية ـ له من الكتب ، كتاب التفسير الكبير ، وكتاب نوادر التفسير .

       ووجدت فى الفهرست ِأيضا : أن أبا جعفر محمد بن منصور المرادى الزيدى ، له كتابان فى التفسير ، أحدهما : كتاب التفسير الكبير ، والآخر : كتاب التفسير الصغير .

       وقرأت مقدمة شرح الأزهار من كتب الزيدية فى الفقه ، وهى مقدمة تشتمل على تراجم الرجال المذكورة فى شرح الأزهار لأحمد بن عبد الله الجندارى ، فخرجت منها بما يأتى :

       1ـ تفسير غريب القرآن للإمام زيد بن على ، جمعه بإسناده محمد بن منصور بن يزيد الكوفى ، أحد أئمة الزيدية ، المتوفى سنة نيف وتسعين ومائتين .

       2ـ تفسير إسماعيل بن على البستى الزيدى ، المتوفى فى حدود العشرين وأربعمائة ، قال : وهو فى مجلد واحد.

       3ـ التهذيب ، لمحسن بن محمد بن كرامة المعتزلى ثم الزيدى ، المقتول سنة 494 هـ أربع وتسعين وأربعمائة ، قال : وهذا التفسير مشهور، ويمتاز من بين التفاسير بالترتيب الأنيق ؛ فإنه يورد الآية كاملة ، ثم يقول القراءة ويذكرها ، ويميز السبع من غيرها ، ثم يقول اللغة ويذكرها، ثم يقول الإعراب ويذكره ، ثم يقول النظم ويذكره ، ثم يقول المعنى ويذكره ، ويذكر أقوالا متعددة ، وينسب كل قول إلى قائله من المفسرين ، ثم يقول النزول ويذكر سببه ، ثم يقول الأحكام ويستنبط أحكاما كثيرة من الآية .

       4ـ تفسير عطية بن محمد النجوانى الزيدى ، المتوفى سنة 665 هـ خمس وستين وستمائة . قال : وقد قيل إنه تفسير جليل ، جمع فيه صاحبه علوم الزيدية .

       5ـ التيسير فى التفسير ، للحسن بن محمد النحوى الزيدى الصنعانى ، المتوفى سنة 791هـ إحدى وتسعين وسبعمائة .

       6ـ هذا هو كل ما قرأت عنه من كتب الزيدية فى التفسير . لكن هل بقيت هذه الكتب ِإلى اليوم ؟ أو درست بتقادم العهد عليها ؟ سألت نفسى هذا السؤال ، وحاولت أن أقف على جوابه ، وأخيرا انتهزت فرصة وجود الوفد اليمنى فى مصر ـ وفيه الكثير من علماء الزيدية الظاهرين ـ فاتصلت بأحد أعضائه البارزين ، وهو القاضى محمد بن عبد الله العامرى الزيدى ، فسألته عن أهم مؤلفات الزيدية فى التفسير ، وعن الموجود منها إلى اليوم ، فأخبرنى بأن للزيدية كتبا كثيرة فى تفسير القرآن الكريم ، منها ما بقى ، ومنها ما اندثر ، وما بقى منها إلى اليوم لا يزال مخطوطا ، وموجودا فى مكاتبهم ، وذكر لى من تلك المخطوطات الموجودة عندهم ما يأتى :

       1ـ تفسير ابن الأقضم .. أحد قدماء الزيدية.

       2ـ شرح الخمسمائة آية ( تفسير آيات الأحكام ) لحسين بن أحمد النجرى من علماء الزيدية فى القرن الثامن الهجري.

       3ـ الثمرات اليانعة ( تفسير آيات الأحكام ) للشيخ شمس الدين يوسف ابن أحمد بن محمد بن عثمان ، من علماء الزيدية فى القرن التاسع الهجري.

       4ـ منتهى المرام ، شرح آيات الأحكام ، لمحمد بن الحسين بن القاسم ، من علماء الزيدية فى القرن الحادى عشر الهجري.

=======
1- د/ الذهبي - التفسير والمفسرون.
 http://www.hadielislam.com/arabic/index.php?pg=articles%2Farticle&id=6221

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire