وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ
تاريخ المقال : 14/6/2010 |
وردنا السؤال التالي:
أعتقد
أن من المسائل التي ينبغي بحثها والرد على من يطرحها كشبهة من قِبل
النصارى على وجه الخصوص ، وهي مسألة تثار في كثير من المنتديات العربية
والأجنبية على حد سواء ألا وهي : عن عزير الذي قالت عنه اليهود إنه ابن
الله والملاحظ دوماً هو عجز كل المسلمين المشاركين عن الرد وعجزهم عن إقناع
أي مسيحي ان اليهود قالت : عزير ابن الله .
رد عليه فضيلة الدكتور عبد الرحيم الشريف أستاذ التفسير في جامعة الزرقاء الأهلية في الأردن:
أولاً: بمراجعة الآية الكريمة نجد أن الله سبحانه وتعالى يقول:
( ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ )[التوبة: 30].
أي
وببساطة لم يقول الله عز وجل أنها في كتبهم ولكنه يقول إن هذا زعمهم
بأفواههم أي لم تخرج عن إطار الزعم الشفوي، فلم يقل عز وجل مثلا [ وقالت
اليهود عزير بن الله الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة ] ولكنه قال:
(
وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى
الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ )[التوبة: 30].
وهذا بحد ذاته يجيب علي تساؤلات النصارى حول هذه النقطة.
ولا ننسي أن نذكر دقة اللفظ القرآني هنا ( ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ )[التوبة: 30]. والكلام
هنا يعود علي النصارى واليهود في زعم بنوة عزير والمسيح لله فإن كان لا
يوجد بكتب اليهود ما يقول ببنوة عزير لله فأيضا لن يجد القارئ لكتب النصارى
ما يؤيد زعمهم بأن المسيح ابن الله بل أن هناك ما يثبت عبودية المسيح عليه
السلام لله إذ يقول يوحنا في الإنجيل المنسوب إليه:
[ 17: 3 و هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك و يسوع المسيح الذي أرسلته ]
حيث
نجد بكل وضوح أقرار المسيح بأن الله هو الإله الحقيقي وحده وأن يسوع ما هو
إلا رسول خلت من قبله الرسل. بل أن المسيح نفسه لم يدعي هذا يخبرنا كاتب
إنجيل لوقا:
22: 70 فقال الجميع افانت ابن الله فقال لهم انتم تقولون إني أنا هو
لم يقل المسيح نعم أنا ابن الله ولكنه قال لهم أنتم الذين تقولون. وكاتب إنجيل يوحنا يقول:
(
قال لهم يسوع: لو كنتم أولاد إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم، ولكنكم
تطلبون أن تقتلوني، وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله).
يقول هنا المسيح بكل وضوح أنه إنسان يبلغهم الحق من ربه وربهم.
أما
لفظة ابن الله فهي لفظة مجازية وليست حقيقة ولم يدعي بها المسيح وحده بل
هناك أكثر من شخص آخر دعي بنفس اللقب ابن الله وهذا نجده في سفر الأيام
الأول العدد 17: 11-14 حيث يقول الرب لداوود:
[ ويكون متى كملت أيامك.. أني أقيم بعدك نسلك.. أنا أكون له أباً وهو يكون لي ابناً ].
وهذا على سبيل المثال لا الحصر لإثبات أن كلا من اليهود والنصارى إنما يقولون هذا بأفواههم ولم تقله كتبهم
ولكننا لن نتوقف عند هذا الحد بأمر الله بل سوف ننتقل لنقاط أخري تبطل هذا الزعم.
ثانيا:
لا
يوجد أي وجه لللإستغراب في إدعاء اليهود بأن عزير ابن الله فمن قتل
الأنبياء مثل زكريا ويوحنا على سبيل المثال ومن عبد العجل الذهبي ورمال
البحر المنشق بأمر الله وأمام أعينهم لا زالت عالقة بقدمه لا يستغرب منه أن
يدعي للرحمن ولداً بل ونقول للنصارى هل يصعب تصديق هذا على من قتل ربكم
بحسب زعمكم.
ثالثا:
يجهل
النصارى أن في علوم القرآن ما يعرف بأسباب النزول وأسباب نزول هذه الآية
وحده كفيل بدحض الشبهة ففي كتاب الروض الأنف نجد الرواية التالية لأسباب
نزول هذه الآية الكريمة:
[
قال ابن إسحاق: وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم سلام بن مشكم، ونعمان
بن أوفى أبو أنس ومحمود بن دحية وشأس بن قيس، ومالك بن الصيف، فقالوا له
كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا، وأنت لا تزعم أن عزيرا ابن الله ؟ فأنزل الله
عز وجل في ذلك من قولهم ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ
وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم
بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ
قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ )[التوبة: 30].
وهذه الآية لا تتحدث عن اليهود بصفة عامة بل عن يهود المدينة فقط فقد كانوا هم من انتشر فيهم هذا القول الفاسد بنسب عزير لله
كما أن زعم أنصارى بأن المسيح ابن الله لا محل له عند العديد من الطوائف
الأخرى إذ يخطئ من يتصور أن كل المسيحيين تقول ببنوة المسيح لله فعلى سبيل
المثال في العصر الحديث هناك شهود يهوه ينكروا بنوة المسيح لله وألوهيته
المزعومه وقديما بقدم الأرثوذكسية والكاثوليكة يوجد الناسطرة نسبة إلي
نسطور الذي يرى (أن اتحاد اللاهوت بعيسى الإنسان ليس
اتحاداً حقيقياً، بل ساعده فقط، وفسر الحلول الإلهي بعيسى على المجاز أي
حلول الأخلاق والتأييد والنصرة. وقال في إحدى خطبه:
"كيف
أسجد لطفل ابن ثلاثة أشهر؟" وقال: "كيف يكون لله أم؟ إنما يولد من الجسد
ليس إلا جسداً، وما يولد من الروح فهو روح. إن الخليقة لم تلد الخالق، بل
ولدت إنساناً هو إله اللاهوت".).
ويقول عنه المؤرخ ساويرس ابن المقفع في كتابه "تاريخ البطاركة": " إن نسطور كان شديد الإصرار على تجريد المسيح من الألوهية إذ قال: إن المسيح إنسان فقط. إنه نبي لا غير".
وهذا
لا يعطي أي مصداقية لصاحب السؤال لأنه لا يوجد عقيدة واحدة لدى كل يهود
العالم كما لا توجد عقيدة نصرانية واحدة لدي كل نصارى العالم فكل أتخذ إلهه
هواه أو حمل النصوص مالا تحتمل من أجل أثبات ما يوافق هواه.
أما قوله تعالى في نهاية الآية:
(ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ )[التوبة: 30].
فيشير
الله سبحانه وتعالى أن اليهود والنصارى إنما يفترون على الله الكذب
ويقولون بأفوههم أكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان مثلهم مثل من سبقوهم إلى
الكفر كالبوذيين القائلين بأن بوذا هو أبن الله أو من قالوا بأن كريسنا
أبن الله من العذراء ديفاكي.
وأختتم الرد بقوله تعالي:
(قالوا
اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم
من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون ) [يونس: 68].
يمكن التواصل مع الدكتور عبد الرحيم الشريف
rhim75@hotmail.com
--------------------------
منقول للفائدة
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire